Saturday, August 15, 2009

أي كلام -5- النهاية السعيدة

كلنا يعرف ذلك المشهد الشهير في نهايات الأفلام العربية - خاصة الأبيض و الأسود منها- البطل يرتدي الحُلة السوداء الأنيقة بينما البطلة تختال بفستانها الأبيض الزاهي, تحيط بهما الراقصات (العوالم جم العوالم جم) بينما يدق لحن الزفاف الأشهر. يقترب البطل من البطلة و تلتمع في عينيه نية الغدر-قصدي سعادة الحب , البطلة تنظر له في وله العشاق و..

وبعدين بقى علي حسب نوع الفيلم و دماغ المخرج يا إما أن البطل يروح راقع البطلة فرنشاية-يعني (French Kiss) - وتطرقع قدام الجمهور , يا إما تلاقي في دُف كده أو رِق (حاجة كده شكل الدُف بس ملاينة شخاليل للي ميعرفش يعني) – تلاقي الرِق ده راح ناطط في و سط الشاشة كده تحمله إيد آثمة مجهولة عشان يداري علي وش البطل و البطلة و يسيب المشهد لخيال المتفرج وبعدين تتكتب كلمة النهاية le fin –مش عارف ليه دايماً بالفرنساوي مش بالإنجليزي!! أكيد عشان مفيش English Kiss – أو تلاقي باب أوضة النوم إتقفل في خلقتك و إنت بتتفرج و برضة إتكتب عليه النهاية أو تلاقي السنيد بتاع الفيلم (عادة بيبقى ممثل كوميدي زي إسماعيل ياسين أو عبد المنعم إبراهيم أو النابلسي) تلاقيه راح طالع وواقف سادد الشاشة و مخبي البطل و البطلة وراه و لو كان إسماعيل ياس فغالباً ما كلمة النهاية بتطلع من بقه و هو بيضحك وتملا الشاشة.

المهم بقى في كل المشهد ده إن دي تعتبر دايماً "النهاية السعيدة" للفيلم.. طب نفكر فيها كده.. يعني إيه نهاية سعيدة؟؟ ولا بلاش نشوف الأول يعني إيه نهاية أصلاً بالدرجة الأولى؟!!

النهاية هي تحول من وضع كان يتم فيه ممارسة أو تفاعل ما مع شئ ما إلي حالة يتم فيها الإنقطاع عن ممارسة هذا الشئ. مثلاً الإستيقاظ هو نهاية النوم لأنه تحول من حالة ممارسة النوم إلي حالة الإنقطاع عن ممارسة النوم, و الموت هو نهاية الحياة لأنه التحول من وضع أو حالة التفاعل مع محيطات الحياة الداخلية و الخارجية إلي حالة من عدم التفاعل مع هذه المعطيات. أدي مفهوم النهاية من وجهة نظري المتواضعة.

جميل لحد كده؟ طب إذا كانت النهاية هي تحول من حال إلي حال و كان حال الإنسان في أي وقت من أوقات حياته أو أي مكان أو أي وضع هو – من وجهة نظري برضه- واحد من ثلاث:
1- يمارس حاجة يحبها و يستمتع بها
2- يمارس حاجة لا تعني له الكثير (مش فارقة معاه أوي يعني)
3- يمارس حاجة يبغضها و الغالب مضطر لها (زي الشغل كده!!)
نستنتج من النقطتين دول إيه بقي؟ صعبة لسه؟ بسيطة نوضحها أكتر

في الحالة الأولى من حالات الإنسان, النهاية هتبقى(حسب المفهوم اللي قلناه فوق) تحول الإنسان من الحالة التي يمارس فيها شئ يحبه و يستمتع به إلى حالة ينقطع فيها عن ممارسة هذا الشئ.طب بذمتكوا دي تبقى نهاية سعيدة ولا نهاية حزينة و منيلة بستين نيلة؟!! يعني مثلاً مثلاً لما أبقى قاعد بقرأ كتاب لأحمد رجب ولا السعدني وقدامي كيلو فشار و شوب عصير مانجو مثلج و في مزيكا و همية شغالة في وداني , لأ و كمان الجو رائع و الشمس طالعة علي خفيف كدا و الهوا بيطس ف قفاي علي رأي أحمد بدير..و بعدين تيجي النهاية عن طريق تليفون من الشغل حاملاً مصيبة ما.. أهي دي نهاية هتحولني من الحالة اللي بمارس فيه شئ مستمتع بيه إلي حالة إنقطاع عن ممارسة الهيصة اللي كنت فيها دي. تفتكروا دي نهاية سعيدة؟!!!
أدي الحالة الأولى طيب و الحالة التانية, لما تنقطع عن ممارسة حاجة مش فارق معاك كتير يعني لا بتحبها ولا بتكرهها , أعتقد هتبقى نهاية زي عدمها. يعني متفرقش النهاية تيجي أو متجيش ف دي برضة متعتبرش نهاية سعيدة.
طيب نيجي للحالة التالتة و الأخيرة بقى.. النهاية هنا هتبقى إنقطاع عن ممارسة حاجة مكروهه و مجبر عليها غالباً..يعني الساعة جت خمسة و نص ولا سته و مفيش وراك حاجة مزنوق فيها لبكرة..هتقوم تروح..بتلم حاجتك من علي المكتب و ترميها في الشنطة سواء كانت شنطة يد حريمي أو شنطة لاب توب أو الإتنين معاً..يوم الشغل إنتهى.. أهي دي أكيد نهاية سعيدة غالباً..

يعني النهاية السعيدة دي بتيجي بس and only بس لما تكون الحاجة اللي بتعملها قبل النهاية حاجة كريهة جداً ليك و مش طايق تكملها..طيب نطبق بقى الكلام دا على النهاية "السعيدة" للأفلام و الروايات الرومانسية المصرية كلها تقريباً..النهاية السعيدة في الحاجات دي هي زي ما وصفنا المشهد كدا.. الفرح..الزفة و الكوشة و متزوقيني يا ماما قوام يا ماما عشان ..العريس جاي العريس جاي..

طب في العادة يعني لو فكرنا شوية بيبقى في إيه قبل الجواز؟!! (طبعاً غير الخناق علي كل صغيرة و كبيرة والعفش و المهر و مكان الفرح و نوع الأكل اللي في البوفيه و مين المطربين اللي هيجوا يصدعوا الناس و الحاجات دي) .. في إعتقادي- و أظن معظمكوا هيوافقني في الحتة دي- إن قبل الجواز (اللي هو النهاية السعيدة) بيبقى فيه حب و علاقة بين الطرفين مبنية على المودة و التفاهم و المشاركة و الرحمة و الحنان و المساواة..

حب!!..يعني النهاية السعيدة بالجواز دي بتيجي بعد الحب!!.. يالهول الصاعقة علي رأي يوسف بيك وهبة..ما هو بما إن الجواز نهاية سعيدة و النهاية السعيدة بتيجي بعد القرف إذا فالحب حاجة وحشة!! يمارسها الإنسان مكرهاً مغصوباً عليه و علي أهله بل و جايز مغضوباً عليه من أهله!!

أهو دا رأي تقريباً كل كتاب السيما ولا مؤخذاة من أول التلاتينات و أفلام زي فاجعة في البلكونة و شالوم الرياضي من إنتاج و إخراج توجو مزراحي و لحد التمانينات تقريبا و هيصة أفلام لبلبة و سمير غانم و نجلاء فتحي اللي كان فيها محمود يس دايماً بيطلع فتي أول نظراً لفقر السيما أيامها في الفتيان الأوائل لحد ما ظهر الأخوان فهمي (حسين و مصطفى) .
بل مازال ده رأي بعضهم لحد الألفينات ,طبعاً مع إختلاف التهاية السعيدة من جواز إلي ضرب صحوبية مع الحتة اللي عينه عليها أو أنتمه يعني.. و برضة مع الإختلاف الواضح في إختفاء الدف أو الرق و السنيد اللي كانوا بيخبوا مشهد البوسة الساخنة بين العروسبن ..إختفى كل ده و بقى البطل بينزل بوس في البطلة عياناً بياناً جهاراً نهاراً كده و مش بعيد كمان ولا مؤاخذة إيده تطول كدا ولا كدا و كله على عينك يا مشاهد و اللي مش عاجبه يغير القناة او يولع في أم التلفزيون أو يخرج و يسيب الفيلم يا إما ينصلح حاله و يعد يتفرج و ينبَسَط و يبطل جهل و رجعية بقى..

المهم إن الحب حاجة وحشة و بينتهي و الحمد لله بالجواز –زمان- أو بالأنتمة دلوقتي..و أكبر دليل على الكلام ده إنك تمسك أي رواية لامؤاخذة رومانسية وتقرأها فتلاقيها بتقولك
"و إنتهت قصة حبهما يالزواج السعيد" أو تقولك "و كانت نهاية هذا الغرام العنيف في عش الزوجة السعيد" أو بقي "إنتهى بهما عشقهما إلي الزواج العرفي".. المهم إن الحب لازم ينتهي بالجواز أياً كان نوعه..
طب ليييييييييييه؟!! ليه مفيش رواية بتقول مثلاً "و توج حبهما بالزواج" أو " و كللت قصة غرامهما بالإرتباط" أو ياسيدي "وتطور هذا الحب ليصبح زواجاً رائعاً يملؤه الحب برضة" .. هوا المفروض الإتنين يفضلو يحبوا بعض لحد ليلة الزفاف و يصحوا الصبح –ولامؤاخذة – يتفوا ف وش بعض؟!!!!!

يا كتاب الرومانسية يا أيها الناس اللي بترسم الصورة الخيالية في عقل و قلب كل بنت و كل ولد عنده حداشر و إتناشر سنة و كل مراهق و كل مراهقة بتحلم بفستانها.. يا عالم ياللي بتبنوا قلوب و عقول أجيال.. أناشدكم بالله و المسيح و بوذا و البقرة المقدسة و اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الروسي.. أستحلف كل منكم بأغلي ما يقدس..أبوس إيديكوا..بلاش تقتلوا الحب بالجواز .. الفكرة بترسب في أعماق لاو عي كل بنت و كل ولد و بيتصرفوا على اساسها بدون وعي .. و تبدأ إرادة النكد –اللي إكتشفها العبقري أحمد خالد- تبدأ تلعب دورها عشان تحقق الفكرة المترسخة في أعماق كل شاب و شابة من أيام ما كانوا بيقروا "و إنتهي حبهما بالزواج السعيد"..و نلقي عش الزوجية ولع حريقة تاكل العش و شجرة الزوجية كلها بكل العشش اللي عليها..إرحمونا من الغباء أرجوكم..

يارب كل كاتب ينهي الحب في رواية بالجواز تيجي نهاية تحت أوتوبيس رايح شرم مليان عرايس ف شهر العسل..قولوا آمين..

أي كلام -4- وإنت إزيك كده و إزاي أمك؟

لاحظت مؤخرا حاجة غريبة جدا. أثناء كلامي مع الناس سواء أقارب أو أغراب أو أصحاب. بستعمل عادة كلمة "أم" بدلاً من والدة. يعني مثلاً بقول " أمي مظبطالنا أكلة سمك فحيتة النهاردة" أو مثلاً لو واحد أمه كانت عيانه شوية فبسأله "هيا أمك عاملة إيه دلوقتي؟", عادي يعني مش كده؟
لأ طلع ولا عادي ولا حاجة. بعد شوية كده لقيت الناس بتبدي تبرم كده أو نوع من التأفف و الضيق لما بستعمل الكلمة دي!! و عادةً بيردوا بحاجة زي "والدتي بخير و الحمد لله". طيب يا سيدي ربنا يشفينا جمعياً –قولوا آمين- , الفكرة بقي إنه أو إنها بيؤكد قوي في النطق علي لفظة والدتي دي. بصراحة مكنتش واخد بالي قوي من الحكاية دي لحد ما واحد صاحبي لفت نظري ليها و نبهني على أساس إنه بيسدي إليَ نصيحة يعني, قالي "بلاش تقول أمي و أمك و أمه و أمهم و كده. قول والدتي أو والدتك عشان الناس بتضايق يعني و كده".

الحقيقة إستغربت جداَ و مأخدتش كلامه بجد , لكني لما حطيت الحكاية في دماغي و بدأت أركز على إنفعلات و ردود أفعال الناس لما أستعمل كلمة أمي أو أمك دي معاهم . زي ماقلت كده في الأول , لقيت علاما ت عدم رضا أو إستغراب في بعض الأحيان, دا طلع الكلام جد بقى!!!
أنا فعلاً مش فاهم!! هي أمي أو أمك أو أمه دي كلمة عيب؟!! هي دخلت قاموس الكلمات الأبيحة من ورايا و العياذُ بالله؟!!

أُم..إقرؤها كده..أُم..بذمتكوا حسيتوا بحاجة وحشة؟!! جه في دماغكوا غير الدفا و الحنان و الأمان؟..مالها الكلمة؟!!
أنا بحبها جداً (الإتنين الكلمة و أمي أنا شخصياً). و بعدين يا إخوانا..أكيد كلنا فاكرين حديث الرسول (ص ل ع) اللي درسناه في أولى إبتدائي (ده حتى لو مكناش متعودين نقرأ أحاديث بره نطاق الدراسة). الحديث الصحيح بتاع "من أحق الناس بحسن صحابتي؟" الرسول الكريم رد على السائل قال إيه؟ هه؟ أيوه.."أمك" أهو.. "ثم من؟" قال إيه تاني عليه السلام؟ .."أمك" طب "ثم من؟" قال "أمك" .. الله؟!! تلات مرات و الرسول الكريم (ص ل ع ) يرد يقول "أمك"..و هو من أوتى جوامع الكلم , لو كانت أمك دي كلمة سيئة من أي وجهة نظر أو تحت أي مقياس مش كان يقدر يجيب مكانها 50 مرادف؟!! و بعدين هل هو عليه السلام هيختار من كل المرادفات كلمة عادية يعني اللي هيا زيها زي غيرها؟!! أكيد عليه السلام هيختار أحسن و أنقى و أطهر و أجمل و أدق و أشمل و أعم كلمة ممكنة للتعبير عن المعنى.

و بعدين الأساتذة و الأنسات اللي بيقولوا "والدتي". تعالوا نبص لُغوياً على الكلمة دي..
والدة.. على وزن فاعلة..و دا إسم الفاعل من الفعل الثلاثي وَلَدَ. يعني والدة دي معناها من قامت بفعل الولادة..يا سلاااااام , هي دي بقي كل العلاقة بين الإنسان و أمه؟!! إنها والدته!! يعني هي اللي قامت بولادته..ماشي يا سيدي, طيب إفترض إنها بعد ما ولدته رمته في الشارع ولا على باب ملجأ؟ تبقى أمه برضه؟!! ولا إفرض ولدته و باعته زي مابقينا بنسمع في الجرائم؟ تبقى أمه برضه ولا أم سحلول؟!!

و هل أهم حاجة بتعملها الأم للإبن أو البنت هي عملية الولادة نفسها؟!! طب ما لامؤخذاة قطتي ولدت وبعدها بشهرين كانت نازلة ضرب في عيالها و مش عارفة دول مين أصلاً!!. أنا مش بهون من آلام و أوجاع الحمل و الولادة إطلاقاً و لا بقلل من حجم التضحية اللي "الوالدة" بتقوم بيها لدرجة إن بعض النساء يرفضن فكرة الحمل و الولادة إشفاقاً من المشقة دي (و في منهن بيرفضن عشان شكل جسمها ميغيرش !!) .
لكن اللي أقصده بالدرجة الأولى هو إن الأمومة أكبر بكتيييييير من مجرد عملية الولادة..يعني أنا لو قلت لأمي يا والدتي أبقى بوصف جزء صغير جداً من اللي بتمثله ليا و بقلل جداً من دورها في حياتي..و كأن وظيفتها إنتهت مع قطع الحبل السري!!

عشان كل ده أنا بقول أهو أمي هي أمي مش بس والدتي و أمك أو أمِك هي أمك أو أمِك مش مجرد والدتك و مش عايز أشوف لوية بوز حد لما أسلم عليه و أسأله "و إنت أمك عاملة إيه دلوقتي؟"